أنواع عمليات التعبئة المجتمعية
التعبئة المجتمعية هي تقنية تُستخدم لتحقيق شتّى أنواع الأهداف. تُعتبر مهارات التنظيم من المهارات المفيدة لأنه: تبعا لاختلاف أهداف المجتمعات والأفراد ورغباتهم، يمكنهم أن يستعينوا بهذه المهارات في طرق متعددة.
مع ذلك، فمن المهمّ أن نميّز بين مختلف أنواع عمليات التعبئة المحتمعية، كي نفهم بشكل أفضل كيف تعمل، وما هي نقاط التشابه والاختلاف بينها وبين عملك الخاص. يمكنك دائماً أن تتعلّم أموراً جديدة من عمليات التعبئة المجتمعية التي تختلف عن العمليات التي تنجزها أنت، لكن يمكن أن تتعلّم المزيد إن فهمت أوجه الاختلاف بينها.
يستند الناشط والأستاذ في العمل الاجتماعي “إريك شراج” في كتابه المُعنون “النشاط والتغيير الاجتماعي” إلى مستويين اثنين لتصنيف التعبئة المحتمعية. يمكن لأي منظمة أن تنجز عملاً متداخلاً بين هذين المستويين، لكن الفئات تشرح بشكل عام الكثير عمّا تقوم به المنظمات. وبحسب إريك، فإن الانقسام الحقيقي هو بين التنمية والتحرّك من جهة، وبين الدمج والمعارضة من جهة أخرى.
تركّز التنمية على تحسين موادّ المجتمع وظروفه الاجتماعية، وقد تعني العمل على دعم النمو الاقتصادي أو تحسين المسكن والتعليم ، والرعاية الصحية المتوفرة لسكّان المجتمع على سبيل المثال. تركّز معظم المنظمات غير الحكومية بالأخصّ على العمل الإنمائي. في المقابل، يركّز التحرّك على تنظيم الناس للمطالبة بالتغيير وحثّ الأنظمة القوية مثل أرباب العمل أو الحكومات، على تغيير ما يقومون به. يمارس النشطاء والحركات الاجتماعية والنقابات عادةً هذا النوع من العمل.
عندما تختار منظمة ما أن تقوم بعمل يركّز على تحسين كيفية تعامل الأشخاص مع الأنظمة الحالية، يُعرف العمل الذي يقومون به بالدمج. وهذا يشمل مساعدة الناس على الوصول إلى الموارد، وتحسين الأداء على مستوى الأنظمة التعليمية أو أنظمة العمل، أو تحسين البيئة المحيطة. تشمل الأنواع الشائعة لعمل الدمج المساعدة الإنسانية، والمِنَح المقّدمة للمدارس والجامعات، أو مساعدة الأشخاص على التسجّل للاستفادة من الإعانات الحكومية. عندما تهدف عملية تعبئة اجتماعية إلى تغيير كيفية عمل النظام القائم حالياً، يُعرف العمل الذي تقوم به بالمعارضة. ويمكنها القيام بذلك من خلال بناء أنظمة بديلة، أو قيادة المظاهرات، أو من خلال محاولة تغيير آراء الناس.
أمثلة عن الأنواع الأربعة
تركّز أغلبية المنظمات غير الحكومية في عملها على التنمية والدمج: أي مساعدة الناس على صعيد الرفاه المادي من خلال تحسين سير الأعمال في الأنظمة القائمة. وهذه وظيفة مهمّة من شأنها أن تساعد الناس على تلبية احتياجاتهم الفورية. لكن هذه الطريقة تترك النظام في مكانه من دون إحداث أي تغيير، ما يعني في أغلب الأحيان أن المشاكل الجذرية التي يعاني منها الناس لا تُحلّ. أطلقت زينب مقلد في ضيعتها “عربصاليم” في جنوب لبنان مبادرة نسائية لمعالجة مشكلة النفايات التي كان يعاني منها مجتمعها؛ وتتكلّم زينب في هذا الفيديو، بالإضافة إلى النساء الأخريات اللواتي شاركن في هذه المبادرة، عن عملهن وأهميته بالنسبة لبلدتهن.
تحاول بعض المجموعات أن تقوم بالعمل الذي يركّز على التنمية، لكن في الوقت نفسه تحاول منحه روح المعارضة. مما يعني في
أغلب الأحيان بناء أنظمة اقتصادية أو اجتماعية بديلة يمكن للناس أن يستفيدوا منها ليبلوا بلاءً أفضل، لكن في ظروف مختلفة. وتمثّل مؤسسة داليا المجتمعية الفلسطينية التي أتينا على ذكرها في مواضيع أخرى خير مثال على مجموعة تقوم بأعمال تنموية بروح من المعارضة.
تقوم النقابات والأحزاب السياسية بالكثير من أعمال التحرّك على طريقة الدمج. وهذا ما تفعله أيضاً المجموعات التي لديها مطالب ضدّ الحكومة والشخصيات المحلية المهمّة لتلبية المزيد من احتياجاتهم، لكن من دون تحدّي هيكلية النظام. عمل “جاي سين” مثلاً، وهو ناشط ومهندس وعالم، مع سكّان فقراء في إحدى المدن الهندية بغية تحسين وصولهم إلى الخدمات.
تشكّل الحركات الاجتماعية خير مثال على المجموعات التي تمارس أعمال المعارضة. لكن يمكنك أن تقوم بأعمال المعارضة من دون أن وتعني )آثار الذاكرة( )Huellas de la Memoría( ” تنظّم التظاهرات. مثلاً تستعين المنظمة المكسيكية “هويلاس دي لا ميموريّا بالفنّ لتعبّر عن معارضتها لحالات الاختفاء القسري.